نداء للحب
وإن قطعتم حبال الودّ بسيف مسعور
ورميتم عهد وصالنا في بحر مسجور
و إن بنيتم بين القلوب الجدار والسور
وأقمتم بيننا حواجزا وإشارات مرور
وجعلتم بيننا حدودا و تذاكر عبور
لن تطفئوا شعلة حبّ تتقد في الصدور
ستظل جوارحي تحرسها ممّن على الحبّ يجور
سأدعو في صلاتي أن لا تنطفئ أو تزول
فأنا أعتنق الحبّ منذ عصور
ولن أرتدّ عنه رغم الصدّ ....
رغم الصقيع وتجمّد الشعور...
كل مفردات الحبّ كتبتها لكم
على الجدران من دور إلى دور
ما من كلمة حبّ إلا ولي فيها حضور
ألم تقرؤوا حبي لكم بين السطور ؟
أنتم مداري و أرضي التي تدور
قد أهجر الجميع كما تهاجر ألاف الطيور
ولن أبتعد عنكم مهما تعاقبت السنون و توالت الدهور
ما أفلح دخيل في إغوائي
فحبكم تحت الرمال الدّافئة مطمور
وفي أعماق البحر الطهور
مع اللؤلؤ والمرجان وفيروز البحور
يصعب النيل منه وعليه العثور
أنتم ربيعي وعبق الورود
على شجر السنديان تغنى بحبكم الشحرور
أنتم أصلي وتاريخي ونصف ذاكرتي
أنتم عبث الطفولة وأجواء الأفراح ورائحة البخور
لن أتخلى عن حبّكم و إن ألبسوني
ثوب الحريرو أسكنوني أضخم القصور
الحب شمس تشرق في القلوب
وتغشى النفوس دفئا ونورا
الحب نقاء وعفوية لا تقيده شروط
و لا يتطلّب قانونا أو دستورا
يبني للوصال والمودّة جسورا
و يحفظ الودّ غيبا قبل العلن والظّهور
فلا يتقلب أو يميل إذا انقلبت شتّى الأمور.....
ناديت للحب إلى أن جف الكلام
و جف قلمي الأنيق الوقور
ناديت للحب الى أن تلاشى صوتي اللاّهث
في متاهات الظلام
فالحب مازال حبيس ليله الديجور !!...
يجتاحني اليأس فألملم خيبتي من عتبة الصبر
وأعاود النّداء
رغم القطيعة والجفاء
بحزن مأسور
وبخاطر مكسور
أنادي للحبّ كمن يزرع الورود في أرض بور ......
فماذا يجدي ندائي؟
وكلّما أرسلته ردّ لي
منبوذا مدحورا
مضطهدا مقهورا .....
فماذا يجدي ندائي ؟
وقد جفّت قلوب بعض البشر
كما يجفّ ويضيع عبير الزهور
اقتلعوا مشاتل الوصل من الجذور
وصار الحبّ عندهم يحتضر
بعد أن نثروا في مزارع الفتنة كلّ البذور
وماذا يجدي إعترافي ؟
وقد بات البوح بالحبّ محظورا
خضوعا لمصلحة تمثلت
وتجسّمت في وحش ديكتاتور
سلب الحب كل المعاني
وجرّده من خصيب الشعور
ينتشي بعجز البشر ويتحكم
فيهم كأنهم دمى أو قطع ديكور
يشتّت الشمل ويعبث بالحلم الصّبور
في صمت عميق يشبه صمت القبور
ثم يرسم لهم ساخرا رسما كاريكاتوريا
يفضح النوايا و يكشف كلّ مستور ....
أ أرثيكم أم أرثي زمن الحبّ المغدور ؟
يا حسرة على من يدوس على القلوب مغرورا
ثم يطوي الأيام ويعيب الزمان
معلّلا أنه كان معذورا أو مجبورا
ويخفي أنّ ظلمه كان مأجورا .....
فمتى يخرج نور الحق
من كهف العتمة المهجور ؟
متى ينبعث نور الحبّ
من عمق الوجع المحفور ؟
ومتى تزهر الأرض
ويحتفي الرّبيع بموسم الودّ
و جمال ودفء الشعور ؟
ومتى تمطرنا السّماء ياسمينا
يعانق في القلوب طهرا
فيتلاشى الحقد و الشّرور
هذا الدّخيل بيننا المحشور
علّنا نسافر بالحبّ عبر العصور
أو نرتدّ لطور الطّفولة
لننعم بكل معاني الحب
وتعود لنا أيام البهجة والحبور
دنياس عليلة / تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق