أرجوك لا تفتقدني...
غضت سمعها عن رنين الهاتف المزمجر امامها وهي التي نسيت آخر مكالمة من روح تحبها دون ضجيج فالكل يتصل حين يذكر مصلحة لديها ،لذلك تركته يرن و أكملت طقوس قهوتها حتى صمت مرتضيا . تربعت حين أكملت فنجان قهوتها وسرحت في فوضى البن السابح الساخر من شفاه المحتسين له فتبسمت خفيفا وهي تذكر جاراتها وقد هجرن الجرائد والكتب ليقرأن فناجينهن ويتناقشن لساعات حول ما رأين... وضعت فنجانها ترفقا تحت تيار الماء البارد تمحو آثارها الضاجة فيه وتأهبت للخروج فعاودها رنين الهاتف فهو لا يكل ولا يمل فتلقفته ورفعت السماعة تستكشف متصل هذا الصباح عله جالب بشرى تسعد ما تبقى من يومها. تسربت ذبذبات الصوت إليها مشفرة فلم تتوضح معالم مرسله فأصغت في صمت حتى تفكك نوتاته فلكل صوت نوتة وعنوان ودلالية تميزه عن غيره .لم يسعفها انصاتها الجيد لتتعرف على صاحب الصوت فطلبت منه الافصاح عن هويته فقال :"أنا حبيبك..."صمتت للحظة وهي تلم شتاتها علها تذكر إن كان لها حبيبا حقا ثم خرج الجواب لا إراديا:"أحبيب البارح أنت أم اليوم أم غدا ؟" تغيرت أنفاس المخاطب فمرت ضجيجا وصراعا وغضبا عبر السماعة دون كلام ودماغها يستوعب ويحلل وبعد صمت ضاج تكلم بنبرة جديدة :" أينسى الحبيب حبيبه و يسأله كغريب ؟ أنا ما نسيتك يوما فأنت مزروعة بداخلي حملتك زادا في غربتي وجعلتك أنسي حين أختلي بنفسي فأسافر في ذكراك الجميل وطيبتك الجميلة و خوفك المتزايد وخشيتك الدائمة فأفتقدك و أتوسد ذكراك لأنعم بليلي بعيدا عنك وعن الوطن و ..." قفزت بين الكلام لتقطع عنه حبال الضجيج وهي ترد هادئة الكلمات:" من يزرع وجب عليه تعهد ما زرع كي لا يذبل ويضمحل ومن يحب لا يهاجر سرا في ظلام الليل متسترا عن من أحبه فلا تحملني زادا فأنت بعثرت زادي ولا تسافر في ذكريات طمستها عمدا فما تركت لي سوى ليلة حالكة السواد ولا تهتم لطيبتي فقد بعتها مقابل الحذر ولا تجزع لخوفي فقد صرت أخيف في غيابك .... هشمت داخلي وشوهت فجر روحي و تسللت خوفا من وقفة رجل و أظنك لا تعرف وقفة الرجال حين يصدقون... الرجولة موقف واحد تتميز به معدنهم وأنت فشلت في موقفك وجبنت أن تقول:"أحب هذه الطيبة البلهاء و خيرت الفرار بعيدا وتركتني مع غولنا العربي فإما يفترسني و إما أقارعه و أرتق جروحي فيه و أمر.... أنت فررت و أنا واجهت وتحديت و ازددت صلابة وغنمت من جبنك رجلا آخر لا يشبهك بل يشبهني بكل عيوبي وميزاتي ،رجل يهواني لأني أمه ،حاربت الدنيا لأجل عينيه ... أرجوك لا تفتقدني فالأموات لا يفتقدون من تركوا وراءهم "...
كحلاء رحال
الاثنين، 24 ديسمبر 2018
أرجوك لا تفتقدني ،،،،،،، للشاعرة //// كحلاء رحال
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق