الاثنين، 16 يوليو 2018

فايس بوك ،،،،،، للشاعر/رياض المساكني

قصة قصيرة                                                                                                                                     
" فايسبوك "
أعلنت عبر حسابي الشخصي بصفحة التواصل الاجتماعي اعتزامي غلق ذاك الحساب ، و وضع حد لعلاقاتي الافتراضيّة ، وهجر من صادقني من خلاله .كما أبديت رغبتي في تقبّل آراء وطلبات أصدقائي بصدر رحب .
في وقت قياسيّ هطلت عليّ الرسائل القصيرة بكثافة لا عهد لي بها ، تبيّنت من خلال جلّها مواقف متلهّفة لالتزامي بقراري . وأمّا البعض فأبان بشيء من النفاق معارضته قراري ، في حين ظلّ البعض الآخر ملتزمين بما عهدتهم عليه من غموض المواقف .
قلت وقد أطلقت زفرة تردّد صداها بداخلي "كم كنت أودّ أن اقيم صداقة مع كلّ المبحرين عبر الشبكة العنكبوتيّة  ، ولكن......" . وصلتني رسالة قصيرة تعبق بمعاني الرجاء والتوسّل بأن أقلع عمّا اعتزمت ، أو ان أأجل الأمر ولو لحين . ثمّ تبعت برسالة أخرى من احدى المتابعات الوفيّات لصفحتي "تمهّل ... لا تغادر قبل أن أصارحك بالهمّ الثقيل الجاثم على صدري جرّاء ما تدوّن وتنشر..." .
هذا اشعار برسالة جديدة . تردّدت قبل أن أطّلع على فحواها لا خوفا ، بل لإيماني بعدم جدوى قراءتها. أهملتها بادئ الأمر ، لكن الفضول – وهو فيما يبدو صفة ملازمة للإنسان – دفعني للعودة اليها "من ميم ميم تعرف أنّي قضّيت وقتا طويلا أتابع روايتك دون أن انهي قراءتها...أعذرني على هذا الكسل ، و اعذرك على تقاعسك في انهاء نشرها...اختلست مشاغلي اليومية منّي شغفي بالقراءة ولذّة المطالعة..." .أجّجت الرسالة بداخلي ما خفت ، قطعت قراءتها ، اتّجهت نحو مكتبي ، بحثت بين الاوراق المتناثرة عليه وفي أدراجه عن مسوّدة الرواية ، فلم أظفر بها . بحثت في الحاسوب ، فكان حافظا وفيا لها . أسرعت بإرسالها لميم ميم التي تقبّلتها بلهفة وشغف كشفهما تعليقها .
وعدت إلى المتابعة الوفيّة أنبش في حواراتنا وما نشرت لعلّي أقف على أسباب الهمّ الذي سببته لها . لم أتبيّن غير أنّي خالفتها الرّأي ورفضت إن أكون كدجاج المفارخ الحديثة ...
وتقاطرت على حسابي الرسائل من جديد حتّى أنّ تدافعها لم يمهلني للإطلاع عليها . التزمت الصمت لفترة طويلة وهجرت العالم الافتراضي ، وسعيت للتصالح مع ذاتي ومع محيطي ، خرجت إلى الشّارع الذي بدت فيه الحركة آليّة و العلاقات ميكانيكيّة وقد استحال إلى صفحة من صفحات "الفايسبوك" .
رياض المساكني(انقزو)
تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق