مقالة: [الثقاف و الثقافة..!]
..سألت جدتي يوما عن "الثقاف" وهي كلمة متداولة يعرفها العوام، ما معناها؟
فأجابت بأنه أسلوب يستخدمه المشعوذون لمنع الزواج أو الإنجاب.
بعد مرور السنين، لست أدري لماذا ارتسخت في ذاكرتي كلمة "منع" كلما سمعت ثقاف أو ثقافة..!؟ فأصبحت لا أفرق بينهما لما يمثلانه من دور فعال في المناعة ضد شيء ما!
الأولى مانعة للخير، والثانية عكسها..
ليومنا هذا، والطفل بداخلي يقول:
_الثقافة هي المانعة لكل خصال ذميمة كيلا تتسرب إلى المثقف، وإلا فهو غير ذلك..!
..المبدع الحق هو من يميز الجيد من الرديئ، وإلا فلا ثقافة له ولا ذوق، فهو يستعين بثقافته لتقيه شر المظاهر الموحية بعظمة المتطفلين على الإبداع من جهة، كما يساعده ذوقه على استدراك الجودة ومن ثم تقييمها..تحضرني قولة الحكيم سقراط لأحد تلامذته:
_ تكلم حتى أراك..!
المبدع يرى بفكره لا ببصره، فقد يغرك مظهر شخص وتصدم لتفاهته، وقد تحقر آخر لمظهره ليذهلك بعد الحديث إليه، والإطناب في الألقاب أيضا، فهو يفسد العدل في التقييم، والكبرياء قرين الجاهل لا يلازم مثقفا أبدا..!
..ثمة شخوص يقال عنهم مثقفون، وما هم بمثقفين، إن هم إلا حفظة قواعد عن ظهر قلب، ولا يولون للإجتهاد أدنى اهتمام، يدبرون قيد حرف، ولا يقبلون كل محدث وكأن لسان حالهم يقول: إنا أنزلنا اللغة، وإنا لها لحافظون.
يسد الواحد منهم عقله بمفتاح السلف، جاهلا بأنه قد يفتح به باب الخلف، فباب الشعر سبق فتحه من عهد الموشحات، وكل أبواب الفنون فتحت بالأندلس، ومنها شقت طريقها نحو العالم الغربي، كم متوهمون نحن بالأخذ منهم!
_أو لسنا من خولناهم مفاتيح التجديد..؟
_حسين الباز/المغرب_
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق